مع تطوُّر التعليم وزيادة نِسب التوحد (تؤثر على واحد من أصل ثلاثة وأربعين طفلًا) - يرحِّب العديد من المعلمين بالأطفال ذوي التوحد داخل فصولهم، وبينما يبدو تعليم طفل مصاب بالتوحد شاقًّا، فإنه أعظم ما يفعله المعلم، وهذه ثلاثون أمرًا عن التوحد يجب على المعلم أن يكون على دراية بهم.
1-إن قابلت طفلًا واحدًا مصابًا بالتوحد فلا تعمم التجربة:
يقول المثل الشائع: "إن قابلت طفلًا واحدًا مصابًا بالتوحد، فأنت لم تقابل غيره"، فمن المهم للمعلمين تذكُّر أن كل الأطفال المصابين بالتوحد مميزون، وما يتميز به واحدٌ منهم قد لا يميز الآخر، فبعضهم لا شفهي، وآخرون لديهم موهبة فريدة في الموسيقا، والفن.. وهكذا.
2-من الممكن لطفل مصاب بالتوحد أن يتقدم مستواه:
ربما اطلعت على العديد من الوثائق العلمية المتعمقة لتشخيص طالبك بالتوحد، ولكن عليك أن تتذكر أنه لا يجب تصنيف الطفل حسب مستواه على الطيف، حتى الطفل الذي يعدُّ متأخرًا جدًّا يمكن أن يتقدم على الطيف بالعلاج المناسب.
3- مصابو التوحد لديهم نقاط قوة ونقاط ضعف، مثلهم مثل كل الأطفال:
كما الحال مع كل الأطفال في الفصل، الطفل المصاب بالتوحد لديه نقاط قوة ونقاط ضعف، فبعضهم يتقن التذكر، ويعانون مع القراءة ونطق الكلمات بالأصوات الصحيحة، وعلى المعلم أن يكون مستعدًّا لمواجهة طفل يعاني مع المواد الدراسية بدرجات مختلفة (أو لا يعاني على الإطلاق).
4-احترام الأنماط:
الأطفال المصابون بطيف التوحد يميلون لتقديس التكرار والروتين، ويمكن أن يساعد المعلم في جعل حياة الطفل الأكاديمية خالية من التوتر بقدر الإمكان، عن طريق فهم نمط الطفل، والالتزام به بقدر ما يمكن، مما يمنع - إلى حدٍّ ما - من نوبات الغضب والانهيار والضغوط غير الضرورية.
فضَعْ في الاعتبار جدولة كل يوم دراسي بنفس الطريقة لتشكيل نمط صفك الخاص، فقد أثبتت الدراسات أن الروتين الثابت يفيد كل الأطفال وليس مصابي التوحد فقط.
5-كن على دراية بالمشاكل الحسية، ما هي؟ ولمَ تسبب مشكلة؟:
ربما لا تدرك المشاكل الحسية الخاصة بك؛ لأنك عندما يعلو صوت الموسيقا تقوم بإغلاقها، وعندما تكون دافئًا أكثر من اللازم تتخفف من بعض ملابسك، ولكن الأطفال على طيف التوحد لا يستطيعون التعامل مع المشاكل الحسية كما يتعامل معها سواهم؛ ذلك لأن حواسهم تمدهم بمعلومات مشتتة؛ لذا عند استقبال طفل مصاب بالتوحد في صفك، عليك أن تكون على دراية بماهية المشاكل الحسية عنده، وما يمكن أن تواجهه منها داخل الفصل.
6-اعتد على: الاهتزاز، والسرعة، والرفرفة:
الأطفال على طيف التوحد عادة ما يتصرفون بما يعرف بسلوك التحفيز الذاتي، ومن أشكاله: الرفرفة بالأيدي، والاهتزاز للأمام والخلف، وسرعة الدوران.
وقد تكون مثل هذه السلوكيات مشتتة لأذهان كل من الطلبة الآخرين والمعلم؛ لذا على المعلم أن يعلم أن هذه التصرفات لا يقصد بها التشتيت، بل هي نمط متكرر يجده الطفل مريحًا.
7-ألقِ تعليماتك بأقل الكلمات الممكنة:
يصعب على الأطفال على طيف التوحد فهم التعليمات الشفهية؛ لذا عند إعطاء التعليمات استخدم كلمات قليلة، ليمكنه معالجة ما يسمع، وأعط التعليمات للطفل المصاب بالتوحد وحده إذا لزم الأمر.
8-كن مستعدًّا لإعطاء التعليمات بطرق مختلفة:
على ذكر التعليمات سيحتاج المعلمون لإجادة أكثر من طريقة لإعطاء التعليمات، فقد أثبتت المعينات البصرية والتعليمات الكتابية فعاليتها في مساعدة الأطفال على طيف التوحد على فهم التعليمات الشفهية.
9- تصعُب المواقف الاجتماعية على الأطفال على طيف التوحد:
يصعب على الأطفال المصابين بالتوحد فَهْمُ الإشارات والتلميحات الاجتماعية؛ مما يسبب حيرة وغرابة بين الطفل وأقرانه، فيجب أن يعير المعلم المزيد من الانتباه للبيئة الاجتماعية داخل الفصل، مبينًا كيفية التصرف السليم للجميع إذا لزم الأمر.
10-لا تتخوف من ضياع الوقت وأنت تعلِّم المهارات والقواعد الاجتماعية:
يجب أن لا يتخوف المعلم من ضياع الوقت في تعليم الطفل المصاب بالتوحد مهارات اجتماعية معينة عند الحاجة لذلك، مثل كيفية الانتظار في صف من أجل المزلاقة، أو كيفية استعارة مبراة من زميلة، أو كيفية المباركة للفريق الفائز في لعبة.
11-لا تأخذ الإهانات على محمل شخصي:
لأن الأطفال المصابين بالتوحد عادة ما يفتقرون للمهارات الاجتماعية، فإنهم يقومون ببعض التعليقات التي نراها وقحة أو لا تصح، فيجب أن يكون المعلم على أتَم الاستعداد لاستقبال وتلقي هذه الإهانات، فبدلًا من أخذها بشكل شخصي على المعلم أن يكون قويًّا كفاية ليكون مثالًا وقدوة بالكلمة الطيبة وبالإيجابية.
12-لا تفاجئ الطالب المصاب بالتوحد بأي تغييرات:
كما ذكرنا سابقًا يقدِّس الأطفال المصابون بالتوحد النمط الخاص والروتين، فأصغر تغير في هذا الروتين - حتى إن كان بالنسبة للطلاب الآخرين مفاجأة طريفة - يمكن أن يصبح كارثيًّا؛ لذا قبل إجراء أي تغيير مخطط له عليك بكل بساطة أن تمهد للطفل المصاب بالتوحد مسبقًا، لتعطيه الفرصة لإعداد نفسه، ومن أمثلة هذه التغييرات: إعطاء أنشطة معتمدة على تغيير أماكن الطلاب، أو رحلة ميدانية.. وهكذا.
13-عادة ما يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من صعوبات في المهارات الحركية:
لا يستبعد على الطفل المصاب بالتوحد أن يعاني مع المهارات الحركية مثل الكتابة، ولذلك سيكون أكثر فعالية إيجاد بدائل للكتابة باليد داخل الفصل، مثل الأجهزة اللوحية، أو الحاسب المحمول.
14- لاحظ أن الأطفال المصابين بالتوحد يحتاجون وقتًا أطول لمعالجة اللغة:
من أهم ما يجب على المعلم معرفته أن الطالب المصاب بالتوحد يحتاج وقتًا أطول لمعالجة اللغة، فلو وجدت الطفل يحدق ببلاهة بعد إعطاء أمر شفهي، فهو على الأرجح ما زال يعالج الكلمات، فساعده بتكرار التعليمات بنفس الكلمات مرة أخرى؛ لأن تغيير الكلمات سيجعله يعيد المعالجة من جديد مرة أخرى.
15- لدى الطفل المصاب بالتوحد العديد من الأفكار والآراء حتى وإن لم يستطع صياغتها:
بعض الأطفال المصابين بالتوحد غير لفظيين، ولا يعني هذا أنه لا شيء لديه لقوله، بل توقع أن يكون لديه نفس الكم من الأفكار التي لدى الطالب العادي، وربما عليك أن تشجعَه لمشاركة هذه الأفكار بطريقة مختلفة.
16-عليك التواصل مع الطفل المصاب بالتوحد بطريقة مختلفة:
بينما يمكنك التواصل مع الطفل العادي باستخدام الفكاهة، والأمثال، أو الصوت العالي، لا يمكنك فعل ذلك مع الطفل المصاب بالتوحد، فهو لا يفهم أيضًا مقصدك لو قارنته بزميلٍ أو صديقٍ أو باستدعاء موقف مشابهٍ حدث سابقًا؛ ففي أفضل الحالات طرق التواصل هذه محيرة بالنسبة له، وفي أسوأ الحالات مخيفة.
17-استخدم التعزيز الإيجابي بدلًا من العقاب:
كما أن بعض طرق التواصل تكون غير فعالة، كذلك طرق العقاب فالأطفال المصابون بالتوحد يميلون لإساءة فهم العقاب السلبي، ويستجيبون بشكل أفضل للتعزيز الإيجابي، فتواصل مع الوالدين لمعرفة أي الطرق أكثر فعالية في العقاب.
18-استخدم الوقت الضائع وسيلةً إيجابية للتقدم:
كما ذكرنا سابقًا فالطفل المصاب بالتوحد يشعر أن العمل لوقت إضافي يمده بمعلومات غير موثوقة، ولك أن تتخيل كم الأمر مجهد له؛ لذا عندما ينجز الطفل المصاب بالتوحد المهام المطلوبة منه أعطه الفرصة لإضاعة الوقت بفعل شيء بسيط جدًّا، كالجلوس في جانب وبصحبته كتاب وسماعات الرأس لعشر دقائق، اسمح له بالاسترخاء.
19-أعطه الفرصة لضبط نفسه:
هذا الوقت الذي يقضيه الطفل المصاب بالتوحد في جانب مع كتاب وسماعات الرأس، ليس من الضروري أن يكون مكافأة، بل يجب أن يعلم المعلم أن إعطاء الطفل وقتًا للاسترخاء بشكل منتظم يحسِّن من استجابته بشكل عام.
20-لدى الأطفال المصابين بالتوحد العديد من الاهتمامات الخاصة:
عادة ما يكون لديهم اهتمامات خاصة مثل القراءة حد الهوس، ويجب على المعلم تعزيز هذه الاهتمامات طوال الوقت، ويمكن استغلالها كوسيلة تحفيزية للتعلم، فمثلًا لو كان للطفل اهتمام خاص بالحواسب المحمولة، فاستخدام الحاسب المحمول كمكافأة سيكون فعالًا جدًّا، ويمكن أيضًا أن يربط المعلم بين اهتمامات الطالب وما يدرسه.
21- ابقَ هادئًا حتى أمام أسوأ التصرفات:
من المهم تذكر أن هؤلاء الأطفال لا ينهارون للتسبب في اضطرابات، بل ينهارون بسبب اضطراب جميع حواسهم مرة واحدة، ولا حيلة لديهم، فأفضل شيء تفعله كمعلم هو أن يكون حضورك هادئًا وداعمًا، فعالمهم أثناء الانهيار مرعب بالفعل، ولا ينقصه معلم مذعور أو غاضب.
22-تحدث حرفيًّا:
لأنهم يستغرقون مزيدًا من الوقت لمعالجة ما يسمعونه، من الأفضل أن نتحدث بوضوح، وبشكل حرْفي، أخبر الطفل بما تريد بالضبط بلا استعارات، أو تشبيهات، أو أمثال.
23-تجنب حتى أكثر الأمثال شيوعًا:
لديهم مشكلة في فَهْم أكثر الأمثال شيوعًا مثل: "أعطه الوجه الخشب"، و"كمن يطارد السراب"، و"ذُق ما أنت ساقيه"، وغيرها، فتجنُّب مثل هذه الأمثال سيقلل من الحيرة والتشتت لديهم.
24- مدهم باختيارات واضحة:
يستفيد الأطفال جميعهم من الخيارات الواضحة، فحاول بقدر الإمكان تجنُّب الأسئلة ذات النهاية المفتوحة، مثل: "ما النشاط الذي تحب ممارسته اليوم؟" استبدله بـ"هل تفضل لعب القرش والأسماك أم اختر العَلَم؟".
فهذه الخيارات الواضحة تقلِّل من وقت معالجة الكلمات، ومن وقت النقاشات، وتزيد من الإحساس بالفصل الدراسي كبيئة اجتماعية.
25-استخدم الصور والنماذج مثالًا للمنتج النهائي:
لأن لديهم مشكلة في فَهْم الألفاظ، فهم يأخذون وقتًا أطول في فهم المعلومات، فعند البدء في مشروع سيجد المعلم أن الإيضاح بمثال للمنتج النهائي أكثر فعالية، مما يمد الأطفال بصورة واضحة عما هم مقدمون عليه.
26-التغيرات المفاجئة في السلوك دليل القلق:
التعايش مع التوحد يعني التعايش مع مجموعة حواس تمدك بمعلومات قد تكون صحيحة أو لا؛ فلو صادف أنْ لاحظت تغيُّرًا مفاجئًا في سلوك الطفل، فاعلم أنه لم يفعل ذلك بهدف التصابي أو جذب الانتباه، بل ربما أنه واجه شيئًا يدعو للقلق في البيئة المحيطة به.
27-اعلم أن ديكور الفصل يمكن أن يكون محفزًا أكثر من اللازم للطفل المصاب بالتوحد:
أصبحت ديكورات الغرف الدراسية هذه الأيام مليئة بالنصوص والألوان، وبينما يبدو هذا الديكور مسليًا بالنسبة لك، فوجود العديد من الألوان بلا مكان لراحة العين يكون عصيبًا على نظام الإحساس لديهم؛ لذا خذ بعين الاعتبار تقليل الديكور واستخدام ألوان أقل بهرجة، ومكان يمكن للطفل أن يريح عينيه فيه، وستجد أن هذه التغييرات مفيدة لجميع الأطفال.
28-راقب الطفل أثناء الاستراحة ووقت الفراغ:
ككل الأطفال يحتاج الطفل المصاب بالتوحد لخبرات التعايش أثناء أوقات الفراغ، مثل وقت الغذاء ووقت الاستراحة، وسيقدر الطفل ووالداه وجود من يضمن فعالية هذه الأوقات، وعدم كونها عبئًا على الطفل أو أحد أقرانه.
29-اعلم أن الأحداث المتكررة مريحة للطفل المصاب بالتوحد:
ناقشنا من قبل سلوك التحفيز الذاتي، ولكن الحصول على الراحة من خلال التكرار ليس مقصورًا عليه، بل يستطيع المعلمون أن يخلقوا جوًّا من الراحة لكل الأطفال من خلال الروتين الثابت والالتزام به.
30- قدًّم ما يمكنك من مساعدة من أجل التنظيم:
التنظيم هو مهارة يجب أن تُعلم، فبينما يعاني بعض الأطفال في البقاء منظمين وأنيقين يجد المعلم الطفل المصاب بالتوحد يبذل وقتًا إضافيًّا في هذا، ويمكن أن يساعد المعلم الأطفال بالمشي أثناء تفريغ الكتب والانتقال وتحميل الكتب والأغراض، حتى يعتاد الطفل على الأمر، والفحص المتكرر للمقعد الدراسي يمكن أن يكون فعالًا أيضًا؛ حيث سيعلم الأطفال حينها أن عليهم الإبقاء على مساحتهم منظمة وأنيقة.
وأخيرًا أحِب الطفل المصاب بالتوحد كما تحب أي طفلٍ آخر في الفصل، فهم في النهاية أطفال يستحقون الحب، مرحون وسيأْثِرون قلبك.