الصحابي الجليل عمرو بن العاص – رضي الله عنه – هو أحد فرسان قريش وأبطالها، وأذكى رجال العرب، وأشدهم دهاء وحنكة وحيلة، وكان إسلامه قبيل فتح مكة، وعرف عنه أنه مجاهدا شجاعا يحب الله ورسوله،
وسبب تسميته بداهية العرب أنه كان واسع الحيلة في تدبير الأمور، وهناك الكثير من القصص التي وصفته كأسطورة، حتى أن عمر بن الخطاب لقبه بـ “أرطبون العرب”. والمقصود بالأرطبون عندهم الداهيه اوالرجل المُفرض في الذكاء
حادثة الحبشة
كانت حادثة ذهابه خلف المسلمين في الحبشة من أبرز مواقف عمرو بن العاص ضد المسلمين في جاهليته
حيث سافر إلى الحبشة، معتمدا على ذكاءه ودهاءه ومحمَّلا بالهدايا إلى النجاشي (ملك الحبشة)، ليقنعه بتسليمه أولئك المهاجرين المسلمين. لكن النجاشي وبعد أن استمع للطرفين رفض أن يسلمهم إياه، وقال: “انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدًا”.
كن دهاء عمرو بن العاص كان يغلي في عروقه، فعندما خرجا من بلاط الملك، قال عمرو: “والله لأنبئنَّه غدًا عيبهم، والله لأخبرنَّه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد”. لكن النجاشي وبعد أن تلى على مسامعه أحد المهاجرين، وكان جعفر بن أبي طالب، ماجاء في القرآن الكريم عن سيدنا عيسى عليه السلام ومريم العذراء..ضرب يده على الأرض وقال: “والله يا عمرو لن أسلمكم هؤلاء ولو بجبل من ذهب” ثم قال لعمرو بن العاص: “يا عمرو، كيف يعزب عنك أمر ابن عمك؟ فو الله إنه لرسول الله حقًا”، قال عمرو: أنت تقول ذلك؟ قال: أي والله، فأطعني”
إسلام عمرو بن العاص
وخرج عمرو بن العاص من الحبشة قاصدا المدينة قابله في الطريق خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، وكانا في طريقهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فساروا جميعا إلى المدينة، وأسلموا بين يدي رسول الله، وكان النجاشي قد أعلن إسلامه هو الأخر.
فتوحات وأعمال عمرو بن العاص
فتوحات وأعمال عمرو بن العاص، لا تُعد ولا تحصى عقب دخوله إلى الإسلام ونعد منها
معركة اليرموك
كان انتصار المسلمين في معركة «اليرموك» على الروم مقدمة لفتح الشام كلها من أقصاها إلى أقصاها، حيث خاض «عمرو» أكثر معاركها، ثم بعدها أستقل بالتوجه إلي فلسطين، وقد عهد إليها من قبل أن يغزوها بقواته الخاصة وقيادته.
ومما ذكر فى وصف معركة «اليرموك» أن الروم هجموا فى بعض حملاتها على فريق من المسلمين، وقد انكشف المسلمون وولي صاحب رايتهم، ولحق «خالد بن الوليد» و «عمرو بن العاص» وأخذا يتسابقان لأخذها من يده.
ولكن أستطاع «عمرو» أخذ الراية، وأندفع بها وأخذ يقاتل المتقدمين من الروم، وقد كرَّ إِليه المسلمون وتجمعوا حوله، وأستطاعوا أن يهزموا الروم شر هزيمه.
فتح فلسطين
وقد تم فتح فلسطين على يد «بن العاص»، وجميع السواحل التابعة لها، وبعدها تمكن من حصار «بيت المقدس»، وخاص العديد من المعارك ضد «أرطبون»، سواء بالمعارك أو المكيدة، والحيلة، وهي من أبرز صفات «عمرو» حتى قبل دخوله إلى الإسلام.
ولكن فى النهاية تم فتح «بيت المقدس» عن طريق الصلح، عقب حضور خليفة المسلمين الفاروق «عمر بن الخطاب» – رضى الله عنه، بعد فرار حاكمها الروماني «اريطيون» إلى مصر.
وخلال جهاد «عمرو» فى فلسطين، ظل على تواصل مع خليفة المسلمين «عمر بن الخطاب» على الدوام، وقام باستشارته في كافة شؤونه وتحركاته وتطلعاته وخططه المستقبلية فى فتح «بيت المقدس».
فتوحات عمرو بن العاص في مصر
.ولكنه في النهاية استطاع، أن يقنع الفاروق عمر، بضرورة غزو مصر، نظراً لكونها بمثابة ناقوس الخطر على المسلمين في فلسطين والشام، في ظل تواجد القائد الروماني «أرطبون»، بها ومحاولته لجمع فلول القوات الرومانية لإستعادة بيت المقدس مرة أخري، وقد أقتنع الفارق بوجهة نظر «بن العاص»، وبعد النظر إلى ما يطمح إليه.
وقد أذن الفاروق لـ «بن العاص» بالمسيرة إلى مصر.
وتقدم «عمرو
حتى وصل إلى «حصن بابليون» فى مصر القديمة، وتعتبر معركة حصن بابليون، من أهم المعارك في تاريخ الفتوحات الإسلامية، ولا تقل عن معركة «اليرموك»، و«القادسية»، وهى المعركة التى تسببت فى القضاء على الرومانية في مصر، وهزيمتهم شر هزيمة
وفاة عمرو بن العاص
وفاته أثناء فترة خلافة عمر بن الخطاب، تُوفي يزيد بن أبي سفيان الذي كان والياً على مصر وقتها، اقترح عمرو بن العاص على الخليفة عُمر أن يذهب لمصر ليفتحها حتى يُؤمن جميع الحدود المُؤدية إلى بلاد الشام من الروم، فوافق عمر وتولّى عمرو قيادة الجيش الذي ذهب فاتحاً لمصر ونجح في ذلك. توفّي عمرو بن العاص في مصر وقد بلغ ثمانية وثمانين عاما، ودُفن هناك في منطقة “المقطم” وضريحه موجود بالقرب من ضريح الإمام الشافعيّ حسبما ورد في التاريخ.