إنَّ كلّ سورة من سور القرآن الكريم تبدأ بالبسملة، وهذا متّفقٌ عليه عند جميع القرّاء، وهو الإتيان بالبسملة عند الابتداء بالسورة إلّا سورة براءة؛ فعند الابتداء بهذه السورة لا يأتي القارئ بالبسملة، وهو ممّا اتّفق عليه القرّاء العشرة كذلك.
قال الإمام الشاطبي:
وَمَهْمَا تَصِلْهَا أَوْ بَدَأْتَ بَرَاءَةً
لِتَنْزِيْلِهاَ بالسَّيْفِ لَسْتَ مُبَسْمِلَا
وَلاَ بُدَّ مِنْهاَ فِي ابْتِدَائِكَ سُورَةً سِوَاهاَ
وَفي الأَجْزَاءِ خَيَّرَ مَنْ تَلَا
[/p][p] وفيما يأتي عددٍ من أسباب عدم ذكر البسملة في سورة التوبة، حيث ذكرت كتب التفاسير عدداً من الروايات عن الصحابة في بيان أسباب عدم ذكر البسملة في سورة التوبة، ونذكر منها ما يأتي:
عدم مناسبة بداياتها لمحتوى البسملة تبدأ السورة الكريمة بالبراءة من الشرك وأهله، وإعلان الحرب عليهم، وهذا لا يتناسب مع الرحمة والأمان الذي تحملة البسملة؛ ففي رواية ضعَّفها أهل العلم عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: "سألتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ، لِمَ لَمْ تُكْتَبْ في بَراءةَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ فقال: لأنَّ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أمانٌ، وبراءةُ أُنزِلَت بالسَّيفِ، ليسَ فيها أمانٌ".
[/p][p] احتمال أنها والأنفال سورة واحدة هذا احتمالٌ جاء في رواية ضعيفة عن ابن عباس -رضي الله عنه- حين سأل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عن سبب اقتران سورة الأنفال بسورة التوبة دون كتابة البسملة بينهما، فأجابه عثمان -رضي الله عنه- أنَّ كتاَّب الوحي كانوا مُتَّبعين لأوامر النبي -صلى الله عليه وسلم-. فإذا نزل شيء من القرآن دعا النبيّ بعض من كان يكتب فيقول لهم أن يضعوا الآيات في السورة التي يُذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أوَّل ما نزل، والتوبة من آخر ما نزل عليه -صلى الله عليه وسلم-، وللتَّشابه بينهما ولأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قُبِض ولم يُبيّن أنَّها منها، قُرن بينهما ولم يُكتب سطر بسم الله الرحمن الرحيم.
[/p][p] عدم ورود البسملة فيها في نسخ الصحابة للقرآن ورد في الكتب أنّ الصحابة -رضي الله عنهم- اختلفوا في كونها سورة أو جزء من سورة الأنفال، ففصلوا بينهما مراعاةً لمن يقول أنَّهما سورتان ولم يكتبوا البسملة مراعاة لمن يقول أنَّهما سورة واحدة.
[/p][p] مقاصد سورة التوبة
لسورة التوبة مقاصد وأهداف كثيرة نذكر منها ما يأتي:
بيان مُدّة العهود التي بين النبي- صلى الله عليه وسلم- وبين المشركين.
بيان أحكام الوفاء والنكث بالعهود.
منع المشركين من دخول المسجد الحرام وحضور مناسك الحجّ.
إعلان حالة الحرب على المشركين وعلى أهل الكتاب حتى يُعطوا الجزية.
بيان حُرمة الأشهر الحرم. إبطال النسيئ الذي كانت يتعامل به أهل الشرك في الجاهلية.
حثَّ المسلمين على الجهاد في سبيل الله -تعالى- وأن لايمنعهم عن ذلك التراخي إلى مُتع الدنيا الزائلة. بيان أنَّ كلمة الله هي العليا، وأنَّ الله ناصر نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
ذكر التجهيز لغزوة تبوك.
ذم المنافقين المتخلفين بلا عذر والحريصين على أخذ الصدقات رغم أنّهم ليسوا بمستحقِّيها.
بيان صفات المنافقين بالأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، ونقضهم للعهود وسخريتهم بالضعفاء من المؤمنين.
بيان حُرمة الاستغفار للمشركين، ونهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة على موتى المنافقين.
وصف حال الأعراب حول المدينة.
ذكر توبة الله -تعالى- على المتخلفين عن غزوة تبوك.
بيان مصارف الزكاة.
بيان امتنان الله -تعالى- على المسلمين بأن أرسل إليهم رسولاً منهم.
[/p][p] الخلاصة:
نزلت أوائل هذه السورة لمَّا رجع النبي -صلّى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك والمسلمون بالحجِّ، وفيها معنى البراءة من المشركين فلا يتناسب هذا مع الرحمة التي في البسملة، فلم تُثبَت البسملة في أوّلها تلاوة ولا خطاً في رسم المصحف الشريف عمّا نسخه الصحابة رضي الله عنهم، وقد احتوت السورة الكريمة من أوّلها إلى أخرها تنوعاً في الموضوعات التي ركَّزت على معانٍ ومقاصد جليلة.