الدعوة إلى باب يطرقه السعداء، و يستجيب لندائه المختارون من أزكى باقات البشر ،
فتكون الاستجابة لنداء الله تعالى : ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ
اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ) من سورة يوسف
يستجيب إليها المسلم طوعا يبلغ هدي الإسلام و أحكامه بأسلوب رقيق ، و سلوك رفيق
، ينقل كلام الله لعباده بحسنه و جماله يقول الله تعالى بقوله: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً
مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر آية 23)
ينقل الحق فلا يدلس و لا يكذب، و لا يزيد و لا ينقص، يبلغه في وضوح دون غموض ،
يبلغه ملتزما التسيير و اليسر ، فلا يغلو و لا يتشدد ،يتحرى الحكمة ، يناصر الحق لا هواه
، ينقل الصحيح كما بلغه صاحب الرسالة محمدا صلى الله عليه و سلم
مرجعه الأساس إتباع أساليب الدعوة إلى الله من خلال النموذج القرآني و الهدي النبوي
الذي بسط فيه العلماء شرحا و توضيحا و إبانة ، بينوها و بلغوها فلم يتركوا فيها فراغا
للمتطفلين و الجهلة و الغلاة ليبسوا ثوبها ،كان بيانها قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ
بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ
وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} [النحل : 125]
و حمل الخير للناس يكون صاحبه من الصلاح و الاستقامة نموذجا عمليا، يكون نموذجا
قدوة لما يدعو إليه ، فالصور المشوهة أضرت الكثير ، بل كانت حائلا لرد الحق البين
سُئِلَتْ عائِشةُ عن خُلُقِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: ( كان خُلُقُه القُرآنَ.)
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند
لشعيب | الصفحة أو الرقم : 25813 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه
أحمد (25813) واللفظ له، وأبو يعلى (4862)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار))
(4435) مطولاً
المؤسف إن الدعوة الإسلامية في أيامنا ابتلت بأنصاف العلماء و أنصاف الفهم الذين لا
يفهمون من الإسلام إلا رسمه ، نماذج مشوهة تظهر الوجه القبيح المنفر ، هذه النماذج
تصدرت المشهد الدعوي ، فأصبحت معاول هدم لا بناء ، تعرف منهم و تنكر .
يقول صاحب الظلال :
(الدين لا يقود الناس بالسلاسل إلى الطاعات ، إنما يقودهم بالتقوى .. وإذا حدث أن فسد
الناس في جيل من الأجيال فإن إصلاحهم لا يتأتى من طريق التشدد في الأحكام؛ ولكن
يتأتى من طريق إصلاح تربيتهم وقلوبهم واستحياء شعور التقوى في أرواحهم ) في ظلال
القرآن .
اليوم نحن بحاجة أن نحيي المفاهيم الصحيحة الحقيقيَّة للإسلام حتى تزال الشبه و يرجع
للناس الشَّيء الذي أفسده الغلاة و المنتحلون ؛ فنعرضه عقيدة سليمة و عبادة صحيحة و
خلقا متينا ، نعرضه دعوة رحمة و إخاء و السلام ، نعرضه دين معاملاتٌ وآداب، ،
نعرضه منهاج سياسات واقتصاد، و نعرضه منهاج ثقافة وعلوم. ، كما نعرضه دعوة بذل
و عطاء و تضحية ، نعرض الإسلام دعوة شاملة ، اشتملَت على خير الدنيا و الآخرة ،
نعرضه كما بلغه صاحب الدعوة محمد صلى الله عليه و سلم و سلف صالح الأمة ،أنه
قولٌ واعتقاد وعمَل.