كيفية صلاة التراويح
صلاة التراويح بجماعة أفضل، قال الإمام أحمد: (كان علي، وجابر، وعبد الله - رضي الله عنهم - يصلونها جماعةً)، ورُوي عن علي - رضي الله عنه -: (أنه كان يجعل للرجال إمامًا وللنساء إمامًا).
وفي حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع أهله وأصحابه وقال: «إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كُتب له قيام ليله».
ويجهر الإمام بالقراءة لنقل الخلف عن السلف، ويُسلم من كل ركعتين، ووقتها بعد صلاة العشاء، قبل الوتر إلى طلوع الفجر، وفعلها في المسجد أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ثلاث ليال متواليةً، كما روت عائشة - رضي الله عنها - ومرةً ثلاث ليال متفرقة، كما روى أبو ذر قال: من قام مع الإمام حسب له قيام ليلة، وكان أصحابه يفعلونها في المسجد أوزاعًا في جماعات متفرقة في عهده.
والوقت أنفس ما عنيتَ بحفظه ... وأراه أسهلَ ما عليك يضيعُ
شعرًا:
... وما الليل إلا للمنيب مطيةٌ ... وميدان سبق للذي يتهجَّد
آخر:
يهوى الدياجي إذا المغرور أغفلها ... كأن شهبَ الدياجي أعين نجل
آخر:
إذا شم الفتى برق المعالي ... فأهون فائت طيب الرقاد
وعن عبد الرحمن بن القارئ قال: (خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلةً أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: (نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون)، يعني: آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله، فدلت هذه الأخبار وغيرها على أن فعل التراويح جماعةً أفضل من الانفراد، وكذا إجماع الصحابة وأهل الأمصار على ذلك.
وهو قول جمهور العلماء، وتجوز فُرادى واختلف أيتهما أفضل للقارئ، قال البغوي وغيره: الخلاف بمن يحفظ القرآن، ولا يخاف الكسل عنها لو انفرد، ولا تختل الجماعة بتخلُّفه، فإن فقد أحد هذه الأمور، فالجماعة أفضل بلا خلاف، وأما عدد صلاة التراويح فقال القاضي: لا خلاف أنه ليس في ذلك حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه.
فاختار الإمام أحمد وجمهور العلماء عشرين ركعةً لما روى مالك في (الموطأ) عن يزيد بن رومان قال: (كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعةً).
وقال السائب بن يزيد: لما جمع عمر الناس على أبي بن كعب، وكان يصلي بهم عشرين ركعةً. وروى أبو بكر بن عبد العزيز في كتابه (الشافي): عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في شهر رمضان عشرين ركعةً.
وقال شيخ الإسلام: له أن يصليها عشرين كما هو المشهور في مذهب أحمد، والشافعي، وله أن يصليها ستًّا وثلاثين كما هو مذهب مالك، وله أن يصلي إحدى عشرة، وثلاث عشرة وكله حسن، فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام وقِصره، وقال: الأفضل يختلف باختلاف المصلين، فإن كان فيهم احتمال بعشر ركعات وثلاث بعدها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره، فهو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه، فالقيام بعشرين هو الأفضل، وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين، فإنه وسط بين العشر والأربعين، وإن قام بأربعين وغيرها جاز، ولا يُكره شيء من ذلك، ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت لا يزداد فيه ولا ينقص منه، فقد أخطأ، وقد ينشط العبد، فيكون الأفضل في حقه تخفيفها، وقال: قراءة القرآن في التراويح سنة باتفاق المسلمين، بل من أجل مقصود التراويح قراءة القرآن فيها ليسمعوا كلام الله، فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن - فيه كان جبريل يدارس النبي -صلى الله عليه وسلم.