منتديات هرقلة ستار






اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد


24-12-2024 08:48

معلومات الكاتب ▼
إنضم في : 24-03-2022
رقم العضوية : 1
المشاركات : 768
الدولة : تونس
قوة السمعة : 100
مع انتشار وسائل النشر والإعلام، ظهر لنا الكثير من الذين لديهم الطلاقة اللفظية والصوت الواضح والحنجرة القوية، والقدرة على تنسيق الكلمات، وتنغيم الصوت، فيعجب الكثير من الناس بذلك كله، ويلتفون حول هؤلاء ويسمعون لهم.

مثل هؤلاء قد يكون لهم تأثير كبير في مسار حياة الناس، إما بالخير أو الشر.

ولكن للأسف الكبير أن مثل هؤلاء يغترون بهذه القدرات التي وهبهم الله إياها فربَّما استخدموها في الإفساد وتضليل الناس، وكسب ود الظلمة، ومن هنا يكثر الفساد في الأرض.

ناهيك إن كان هذا من الدعاة المتطلعين للشهرة والمتسلقين أو المنافقين والذين يتاجرون بالدين فتكون الفتنة جسيمة في قلب الأمة الإسلامية.. وما أكثر هؤلاء في واقع حياة أمة الإسلام اليوم.

إن هذا الشخص الذي يتحدث، فيصور لك نفسه خلاصة من الخير، ومن الإخلاص، ومن التجرد، ومن الحب، ومن الترفع، ومن الرغبة في إفاضة الخير والبر والسعادة والطهارة على الناس، هذا الذي يعجبك حديثه، وتعجبك ذلاقة لسانه، وتعجبك نبرة صوته، ويعجبك حديثه عن الخير والبر والصلاح.

قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾ [البقرة: 204].

إن مثل هؤلاء من المنافقين يعجبك كلامه الفصيح الذي يريد به حظًّا من حظوظ الدنيا لا الآخرة،لأنها منتهى آمالهم، ومبلغ علمهم، وأصل حبهم، ويروقك منطقهم، ويعجبك بيانهم، ويحسن عندك مقالهم، ويحلف مستشهدًا بالله على ما في قلبه من محبة الإسلام، وفي هذا غاية الجرأة على الله، وهو شديد العداوة والخصومة للإسلام والمسلمين، وما أكثر هؤلاء الذين انكشف أمرهم الآن أثناء حرب غزة، وقد فضحهم الله على مشهد ومسمع كل العالم، وفي كل وسائل النشر والإعلام والتواصل الاجتماعي.

إن هذا الصنف من الناس يضيف إلى كل ذلك زيادة في التأثير والإيحاء، وتوكيدا للتجرد والإخلاص المزعوم، وإظهارا للتقوى وخشية الله في نظر الآخرين. هذا النوع المنافق قد يرى من الناس تشككا في قوله، لأن من عادة المنافقين أن يبدو من فلتات لسانهم ما يدل على ما هو مخبوء في نفوسهم، فيأخذ يوثق قوله بالأيمان الباطلة بأن يقول لمن ارتاب فيه: الله يشهد أنى صادق فيما أقول.. إلى غير ذلك من الأقوال التي يقصد بها تأكيد قوله وصدقه فيما يدعيه، ﴿ وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾.

إنه تزدحم نفسه باللدد والخصومة، فلا ظل فيها للود والسماحة، ولا موضع فيها للحب والخير، ولا مكان فيها للتجمل والإيثار، هذا الذي يتناقض ظاهره وباطنه، ويتنافر مظهره ومخبره... هذا الذي يتقن الكذب والتمويه والمداهنة، لأنه يخالف قوله فعله، فلهذا قال الله: ﴿ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾.


ووالله الذي لا إله إلا هو إن هذا لنراه رأي العين ونسمعه جهارا وبصوت مجلجل دون حياء من هؤلاء، في الفضائيات وفي اليوتيوب، خاصة في نفاقهم وتطاول ألسنتهم على المسلمين في غزة، وفي خيانتهم لدينهم، وموالاتهم لليهود بكل بجاحة، وبهذا الوصف الذي بينه الله لنا في هذه الآيات.

﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 205].

حتى إذا جاء دور العمل ظهر المخبوء، وانكشف المستور، وفضح بما فيه من حقيقة الشر والبغي والحقد والفساد. مما كان يستره بذلاقة اللسان، ونعومة الدهان، والتظاهر بالخير والبر والسماحة والصلاح.

قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 206].

وإذا قيل لهذا المنافق على سبيل النصح والإرشاد اتق واترك ما أنت فيه من نفاق وخداع وخروج عن طاعة الله، استولت عليه العزة، أي حمية الجاهلية، مقترنة بالإثم ومصاحبة له، فهي ليست العزة المحمودة ولكنها الكبرياء المبغوضة. فاستعز بالإجرام والخطيئة ورفع رأسه في وجه الحق الذي يذكر به، وأمام الله بلا حياء!

هذا هو الذي عناه القرآن! وأنت تراه أمامك حقيقة ماثلة في الأرض الآن وفي كل آن!

كم يعاني المسلمون من هذا الصنف المنافق، الذين أفسدوا حياة الأمة الإسلامية، واستخدمهم أعداء الإسلام من اليهود، لغرث الفتن، وتفريق المسلمين، بل وفي تحريف العقيدة الإسلامية، وتكوين الفرق الإسلامية المتناحرة، والتي همها الأكبر تكفير بعضها بعضا، وشن الحروب بين الدول الإسلامية التي لا تنتهي، وتم تدمير الأخضر واليابس، وانتهكت حرمات المسلمين على مرأى ومسمع العالم كله بيد عصابات الإجرام من اليهود في غزة، وفي بقاع مختلفة من بلاد المسلمين.

كل هذا ولم نعد نرى أو نسمع كلمة حق تقال، إلا من رحم ربنا... تخاذل وتواطء وخيانة ونفاق، وجبن وخنوع لأعداء الله.


إلا أن أهل الجهاد الصادقين من المسلمين في العالم الإسلامي قد استنهضوا هممهم بالإيمان الصادق والتوكل على الله في الدفاع عن العقيدة الإسلامية والمسلمين وأعطوا الأمل في إحياء روح الإسلام في المسلمين غير آبهين بنفاق المنافقين والمتهودين والمتصهينين، وهذا هو بداية تحقيق وعد الله، خلافة على منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تذر السماء من قطر إلا صبته مدرارًا. ولا تدع الأرض من نباتها وبركاتها شيئًا إلا أخرجته كما في الحديث الشريف. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن أول دينكم نبوة ورحمة، تكون ما شاء الله أن تكون. ثم يرفعها الله جل جلاله، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون. ثم يرفعها الله جل جلاله. ثم تكون ملكًا عاضًا، فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعه الله جل جلاله. ثم يكون ملكًا جبريًّا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله جل جلاله، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تذر السماء من قطر إلا صبته مدرارًا. ولا تدع الأرض من نباتها وبركاتها شيئًا إلا أخرجته»  

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
وَمِنَ ، النَّاسِ ، مَنْ ، يُعْجِبُكَ ، قَوْلُهُ ، الْحَيَاةِ ، الدُّنْيَا ،