منتديات هرقلة ستار

أوقات الصلاة في تونس
🕌 أوقات الصلاة في تونس
جاري تحميل التاريخ...






اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد


  • مقال
27-06-2025 09:59

معلومات الكاتب ▼
إنضم في : 24-03-2022
رقم العضوية : 1
المشاركات : 914
الدولة : تونس
قوة السمعة : 100
بسم الله الرحمان الرحيم

 الوصيَّة الأولي: عدم الإسراف في المال

المال نعمةٌ كما هو نقمة؛ ولذلك دلَّنا الله - تعالى - على كيفيَّة التصرُّف فيه، وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الإسراف وما في معناه من التبذير والترَف من الأمراض الاجتماعيَّة التي تُهدِّد الحياة الزوجيَّة؛ لأنَّ الترف والبذخ بداية النهاية.
وجاء في "أدب الدنيا والدين" (ص299): واعلَمْ أنَّ السرف والتبذير قد يفترق معناهما؛ فالسرف: هو الجهل بمقادير الحقوق، والتبذير: هو الجهل بمواقع الحقوق.
وكلاهما مذمومٌ، وذمُّ التبذير أعظم؛ لأنَّ المسرف يخطئ في الزيادة، والمبذِّر يخطئ في الجهل.
وسَواء كان سرفًا أو تبذيرًا، فكلاهما ممقوتٌ شرعًا.

• ومن صُوَرِ الإسراف من الزوج السرف في شرب وتَعاطِي الدخان وما يجري مجراه، وكان أولى بهذا المال أنْ يُكرِم به زوجته وأولاده!

ألم يقل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((دِينارٌ أنفَقتَه في سبيل الله، ودِينارٌ أنفَقتَه في رقبةٍ، ودِينارٌ تصدَّقت به على مسكين، ودِينارٌ أنفَقتَه على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفَقتَه على أهلك))؛ رواه مسلم.


الوصية الثانية: الرضا والقناعة

القناعة والرضا أفضل علاج للإسراف والتبذير الذي ذكرناه أنفًا، ولكنَّ الصبر عليهما من الزوجين يحتاجُ لمشقَّة وجهد، ومَن يلتزم منهما بذلك فهو دليلٌ على حبِّه ومُراقبته لله - تعالى - وابتغاء مرضاته، والتزامه بالمنهج الشرعي الذي يأمُره بالزهد والتقشُّف، ولا يُحرِّم عليه التمتُّع بالطيِّبات من الرزق، ما دام لا يخرج به عن حدِّ الاعتدال غير المرغوب فيه.
كما قال - تعالى -: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77].
قال ابن كثيرٍ في تفسيره: "أي: استعمل ما وهبَكَ الله من هذا المال الجزيل والنِّعمة الطائلة، في طاعة ربِّك والتقرُّب إليه بأنواع القُربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخِرة، ﴿ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾؛ أي: ممَّا أباح الله فيها من المآكِل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح؛ فإنَّ لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، ولزوجك عليك حقًّا، فآتِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه"؛ انظر: تفسير ابن كثير (6/253).
وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قد أفلَحَ مَن أسلَمَ، ورُزِق كفافًا، وقنَّعَه الله بما آتاه))؛ انظر: السلسلة الصحيحة؛ للألباني (1/129).

ولا ريب من واقع ما سمعتُ من الناس أنَّ أهمَّ الأسباب المؤدِّية للهموم والغموم التي تُصِيب كثيرًا من بيوت المسلمين هو عدمُ القناعة بما أعطاهم الله، والتفاخُر بينهم في الإنفاق بسَفهٍ؛ بغرَض التنافُس الممقوت والإسراف في المظاهر، واللجوء إلى الاستِدانة رغم قلَّة الإمكانيَّات الماليَّة عند البعض منهم؛ ممَّا يُؤدِّي إلى تَراكُم الديون التي تُثقِل كاهلهم، وتفسد أخلاقهم، وتدفَعهم إلى طريق الحرام دفعًا، أو على الأقلِّ التقصير في حقِّ الله - تعالى - ومعصيته، وكفى بهذا جهلاً وسفهًا.


الوصية الثالثة: مراقبة الله - تعالى

يُخطِئ كلٌّ من الزوج وزوجه إنْ ظنَّ أحدهما قُدرته على خِداع الطرف الآخَر، لسببٍ من الأسباب التي تدفعه إلى ذلك؛ لأنَّه دومًا ما ينكشف الأمر ولو بعدَ حين، وهنا يترتَّب على آثار هذا الانكشافِ حاجزٌ نفسي يَصعُب هدمُه على المدى الطويل.
ومن ثَمَّ كانتْ هذه الوصيَّة بِمُراقبة الله لكلٍّ من الزوج وزوجِه أمرًا في غاية الأهميَّة، وإهمالها سيُؤدِّي قطعًا لمشاكل جمَّة.

قال تعالى -: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].



قال ابن كثيرٍ في تفسيره 4/ 96: "قوله - تعالى -: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19]، يُخبِر - عزَّ وجلَّ - عن علمه التامِّ المحيط بجميع الأشياء؛ جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، دقيقها ولطيفها؛ ليحذر الناس علمه فيهم فيستحيوا من الله - تعالى - حقَّ الحياء، ويتَّقوه حقَّ تَقواه، ويُراقِبوه مراقبةَ مَن يعلم أنَّه يَراه، فإنَّه - عزَّ وجلَّ - يعلَم العين الخائنة وإنْ أبدتْ أمانة، ويعلم ما تنطَوِي عليه خَبايا الصدور من الضمائر والسرائر".
• وفي السنَّة الحثُّ على مُراقبة الله؛ ففيما أخرجه مسلمٌ من حديث جبريل - عليه السلام - عن عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - قال: يا محمد، فأخبرني عن الإحسان، قال: ((أنْ تعبُد الله كأنَّك تراه، فإنْ لم تكن تراه فإنَّه يَراك)).

• قال ابن القيِّم في مدارج السالكين (2/65) بتصرف: المراقبة دَوام عِلم العبد وتيقُّنه باطِّلاع الحقِّ - سبحانه وتعالى - على ظاهره وباطنه، فاستِدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة، وهي ثمرة عِلمه بأنَّ الله - سبحانه - رقيبٌ عليه، ناظرٌ إليه، سامعٌ لقوله، وهو مطَّلِعٌ على عمله كلَّ وقت وكلَّ لحظة، وكلَّ نفَس وكلَّ طرفة عين، والغافل عن هذا بمعزِلٍ عن حال أهل البِدايات، فكيف بحال المُرِيدين؟ فكيف بحال العارفين؟


الوصيَّة الرابعة: عدم التمادي في الغيرة وإظهارها

الغيرة المعتدلة لكلٍّ من الزوجين بعضهما على بعض بلا إفراط أو تفريط أمرٌ محمود في الإسلام؛ ودليل ذلك قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله يَغار، وإنَّ المؤمن يَغار، وغيرة الله أنْ يأتي المؤمن ما حرم عليه))؛ أخرجه البخاري في النكاح ح/5223.



• وعن أنسٍ قال: "كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمَّهات المؤمنين بصحفةٍ فيها طعامٌ، فضربت التي النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بيتها يدَ الخادم؛ فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: ((غارت أمُّكم))، ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفةٍ من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرت صَحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت"؛ أخرجه البخاري في النكاح ح/5225.


الوصية الخامسة: التكتُّم على الأسرار الزوجيَّة

كثيرٌ من الرجال والنساء المتزوجين يُهمِلون مثل هذه الوصيَّة العظيمة، فالبيوت والأبواب إنما كانت لستر عورات الناس، واحتِفاظهم بخصوصياتهم التي لا يطَّلع عليها أحدٌ غيرهم.
فلو كانت حَياتهم بما فيها من خُصوصيَّات يمنعهم الحياء والخلق الحسن من كشْفها إلا في بيوتهم حيث يمارس كلٌّ من الزوج وزوجه حريَّته على طبيعته وفطرته دون تصنُّع، فمن البدهي أنَّ معرفة الأهل والأصدقاء بهذه الخصوصيَّات من الزوج أو الزوجة سيُؤدِّي إلى الصدام بينهما والحقد والكراهية وفقدان الثقة والغيرة المحمودة إلى النقيض تمامًا.
ولعلَّ من أشدِّ الأسرار والخصوصيَّات التي ينبَغِي عدم إفشائها مهما كانت حدَّة الخلاف أسرارَ المعاشرة بينهما على الفراش؛ لأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حذَّر من ذلك فقال: ((إنَّ من شِرار الناس عند الله منزلةً يوم القيامة الرجلَ؛ يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشُر أحدهما سرَّ صاحبه))؛ أخرجه مسلم في النكاح ح/1437، وأبو داود في الأدب ح/4870.
قال النووي في شرح الحديث ما مختصره:وفي هذا الحديث تحريمُ إفشاء الرجل ما يجري بينه بين امرأته من أمور الاستمتاع، ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه، فأمَّا مجرَّد ذكر الجماع، فإنْ لم تكن فيه فائدةٌ ولا إليه حاجةٌ فمكروهٌ؛ لأنَّه خِلاف المروءة.
ومن ثَمَّ ينبغي الحذر من إفشاء أسرار الفِراش بصفة خاصَّة، والأسرار الزوجية بصفة عامَّة؛ لأنَّه يؤدِّي إلى القيل والقال، وتلويث السمعة وتدخُّل الناس بلا داعي، وهو أمرٌ يمقته الطبع السليم والشرع المطهَّر.


الوصية السادسة: الحذر من فتور المحبة بين الزوجين

لو سألت أيَّ زوجين بعد زواجٍ دام عشر سنوات مثلاً عن شُعور كلٍّ منهما نحو الطرَف الأخربعد هذه المدة الطويلة، وهل هو نفس الشعور خلال فترة الخطوبة وبداية الزواج؟!
الجواب قطعًا: لا.
 والسبب في ذلك فُتور المحبَّة.وسببها الانشغالُ الدائم في العمل، وفي رعاية الأولاد، وعدم الانفِراد العاطفي بينهما خارج البيت، أو حتى داخله، وبث ما في القلب، وإهمال المناسبات السعيدة بينهما، وإهمال التزيُّن والتجمُّل، وغير ذلك.
ولكنَّ الرحمة والشفقة والإحساس بالأمان مع شريك الحياة قد لا يصمد أمامَ الفتن التي زادَتْ، والاختلاط بين الجنسيين بلا رادِعٍ من دِين أو حَياء الذي عمَّ أرجاء الحياة المعاصرة والذي من أعظم أسبابه تبرُّج المرأة وابتذالها، وهي من أخطر الفتن على الإطلاق والذي انتشر انتشارَ النار في الهشيم، وغير ذلك من الفتن.
كلُّ هذا جعل كلاًّ من الزوج أو زوجه بحاجةٍ إلى شعور عاطفي قوي يربطه بشَرِيكه حتى لا يَنهار أحدهما، ويغرق مع تيَّارٍ لم يتعوَّد على ردِّه وصدِّه.

ومن ثَمَّ ينبغي للزوجين إحياء رُوح الشباب، وعودة الترابُط العاطفي بينهما؛ لتستمرَّ الحياة الزوجيَّة ترتوي من ينبوع هذا الترابُط، وترتَقِي إلى أعلى درجات السموِّ الروحي والعاطفي بعيدًا عن رِياح التجديد والفتن التي فترت علاقتهما القلبيَّة بكثرة الهموم والغموم!

مع تحيات منتديات هرقلة ستار

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الوصايا ، الذهبية ، للمشاكل ، الزوجية ،

« استثمار الوقت | لا يوجد»