العادة السِّريَّة مُحَرَّمَة، وهي في رمضان أشدُّ تحريمًا؛ لِشَرَف زمانه.
والواجبُ على مَن وقع في تلك المعصية: المبادَرةُ إلى التوبة، والإكثار منَ الاستغفار؛ عسى الله أن يقبلَ تَوْبته. وأمَّا مَن نام على جنابة حتى أصبحَ ولم يَغْتَسِل، فصيامُهُ صحيحٌ؛ لِمَا وَرَدَ في الصَّحيحَيْنِ، عن عائشة، وأم سلمة رضي الله عنهما: "أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصبحُ جُنُبًا مِن جِماع، ثم يَغْتَسِل ويَصُوم".
وزاد مسلمٌ في حديثِ أم سلمة: "ولا يقضي". وعن عائشة: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، تدركني الصلاة وأنا جُنُب، فأصوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأنا تُدْرِكني الصلاة، وأنا جنب، فأصوم"، فقال: لستَ مثلنا يا رسول الله قد غَفَرَ الله لك ما تَقَدَّمَ مِن ذنبكَ، وما تَأَخَّر، فقال: "والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمَكم بما أتَّقي" (رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود).
قال الشَّوكاني في "نيل الأوطار": "هذه الأحاديثُ اسْتَدَلَّ بها مَن قال: إنَّ مَن أصبح جنبًا، فصومُه صحيحٌ، ولا قضاء عليه، من غير فرق أن تكونَ الجنابة عن جماع أو غيره، وإليه ذَهَبَ الجمهور، وجَزَم النووي: بأنه استَقَرَّ الإجماع على ذلك. وقال ابن دقيق العِيد: إنه صارَ ذلك إجماعًا أو كالإجماع. وقد ثَبَتَ مِن حديث أبي هريرة، ما يُخالِف أحاديث الباب؛ فأَخْرَجَ الشَّيْخان عنه: أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أَصْبَحَ جُنُبًا، فلا صَوْمَ له"، وعن ابن المُنذر وغيره سلوك النَّسخ، وبالنَّسخ قال الخَطَّابي، وقَوَّاهُ ابن دقيق العِيد: بأن قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] - يَقْتَضِي إباحة الوَطْء في ليلة الصوم، ومن جُملتها الوقت المُقارن لِطُلُوع الفجر، فيلزم إباحة الجِمَاع فيه، ومِن ضرورته أن يصبحَ فاعلُ ذلك جنبًا، ولا يفسد صومه.
هذا؛ والله أعلم.