منتديات هرقلة ستار






اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد


  • مقال إسلامي
01-12-2024 15:38

معلومات الكاتب ▼
إنضم في : 24-03-2022
رقم العضوية : 1
المشاركات : 799
الدولة : تونس
قوة السمعة : 100
أعظمُ أسباب شرْح الصدر: التوحيد، وعلى حسب كماله وقوَّته وزيادته، يكون انشراحُ صدر صاحبه، قال الله - تعالى -: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ﴾ [الزمر: 22]، وقال - تعالى -: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125].
 
فالهدى والتوحيد مِن أعظم أسباب شرْح الصدر، والشِّركُ والضلال من أعظم أسباب ضِيق الصدر وانحراجه.
 
 النُّور الذي يقذفه الله في قلب العبد: وهو نور الإيمان، فإنَّه يشرح الصدر ويوسعه، ويفرح القلب، فإذا فُقِد هذا النور من القلْب ضاق وحرج، وصار في أضيق سجن وأصعبه، وقد روى الترمذي في جامعه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا دخل النورُ القلْب انفسَحَ وانشرح))، قالوا: وما علامة ذلك يا رسول الله؟ قال: ((الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله)).
 
فنصيب العبد مِن انشراح صدره بحسب نصيبه مِن هذا النور، وكذلك النور الحِسيّ، والظلمة الحِسية، هذه تشرح الصدر، وهذه تضيقه.
 
 العلم: فإنَّه يشرح الصدر ويوسعه، حتى يكونَ أوسع من الدنيا، والجهل يورثه الضيق والحَصْر والحَبْس، فكلَّما اتسع عِلمُ العبد انشرح صدره واتسع، وليس هذا لكلِّ عِلم، بل للعلم الموروث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو العلم النافع، فأهلُه أشرح الناس صدرًا، وأوسعهم قلوبًا، وأحسنهم أخلاقًا، وأطيبهم عيشًا.
 
 الإنابة إلى الله - سبحانه وتعالى - ومحبَّته بكلِّ القلْب، والإقبال عليه، والتنعُّم بعبادته، فلا شيءَ أشرح لصدر العبد من ذلك، وكلَّما كانتِ المحبة أقوى وأشدّ، كان الصدر أفسحَ وأشرح، ومن أعظم أسباب ضيق الصدر الإعراضُ عن الله - تعالى - والتعلق بغيره، والغفلة عن ذِكْره، ومحبَّة سواه، فإنَّ مَن أحب شيئًا غير الله عُذِّب به، وسُجِن قلبه في محبَّة ذلك الغَيْر.
 
 دوام ذكْر الله على كلِّ حال، وفي كلِّ موطن: فلذِكْر الله تأثيرٌ عجيب في انشراح الصدر، ونعيم القلْب، وللغفلة عن ذِكْر الله تأثيرٌ عجيب في ضِيقه، وحبسه وعذابه.
 
الإحسان إلى الخلق، ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه، والنفْع بالبدن، وأنواع الإحسان: فإنَّ الكريم المحسِن أشرحُ الناس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلْبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيقُ الناس صدرًا، وأنكدهم عيشًا، وأعظمهم همًّا وغمًّا، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح مَثَلًا للبخيل والمتصدِّق كمَثَل رَجُلين عليهما جُنَّتان من حديد، كلَّما هَمَّ المتصدِّق بصدقة اتَّسعت عليه وانبسطت، حتى يجرَّ ثيابه، ويُعفَى أثره، وكلَّما همَّ البخيل بالصدقة لزمتْ كل حلقة مكانَها، ولم تتسع عليه، فهذا مَثَل انشراح صدر المؤمن المتصدِّق، وانفساح قلْبه، ومثل ضيق صدْر البخيل، وإحصار قلبه.
 
 الشجاعة: فإنَّ الشجاع منشرِحُ الصدر - واسع البِطان، متَّسع القلْب، والجبان أضيق الناس صدرًا، وأحصرهم قلبًا، لا فرحة له ولا سرور، ولا لذَّة له ولا نعيم، إلاَّ مِن جنس ما للحيوان البهيم، وأما سرور الرُّوح ولذتها، ونعيمهما وابتهاجها، فمحرَّم على كل جبان، كما هو محرَّم على كل بخيل، وعلى كل معرِض عن الله سبحانه، غافل عن ذِكْره، وجاهل به وبأسمائه تعالى، وصِفاته ودِينه متعلِّق القلْب بغيره، وإنَّ هذا النعيم والسرور يصير في القبر رياضًا وجنة، وذلك الضيق والحصر ينقلِب في القبر عذابًا وسجنًا، فحال العبد في القبر كحال القلْب في الصدر نعيمًا وعذابًا، وسجنًا وانطلاقًا، والله المستعان.
 
 إخراج دَغَل القلْب من الصِّفات المذمومة التي توجِب ضيقَه وعذابه، وتحول بينه وبين حصول البرِّ، فإنَّ الإنسان إذا أتى بالأسباب التي تشرح صدره، ولم يخرج تلك الأوصاف المذمومة من قلْبه لم يحظَ من انشراح صدرِه بطائل.
 
 ترْك فضول النظر والكلام، والاستماع والمخالطة، والأكل والنوم، فإنَّ هذه الفضول تستحيلُ آلامًا وغمومًا، وهمومًا في القلْب تحصره وتحبسه، وتضيقه ويتعذَّب بها، بل غالب عذاب الدنيا والآخرة منها، فما أضيقَ صدرَ مَن ضرب في كلِّ آفة مِن هذه الآفات بسهم، وما أنعمَ عيشَ مَن ضرب في كلِّ خصلة من تلك الخِصال المحمودة بسهم، وكانت همَّته دائرةً عليها، حائمة حولها، فلهذا نصيبٌ وافِر من قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13]، ولذلك نصيبٌ وافر من قوله - تعالى -: ﴿ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 14]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكملَ الخَلْق في كلِّ صفة يحصل بها انشراحُ الصدر، واتِّساع القلْب، وقُرَّة العين، وحياة الرُّوح، فهو أكمل الخَلْق في هذا الشرح والحياة، وقرَّة العين، مع ما خُصَّ به من الشَّرْح الحِسيِّ، وأكملُ الخَلْق متابعة له أكملُهم انشراحًا ولذَّةً، وقُرَّةَ عين.
 
وعلى حسب متابعته يَنال العبدُ من انشراح صدره وقُرَّة عينه، ولذَّة رُوحه ما ينال، فمن وجد خيرًا، فليحمد ِالله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومنَّ إلا نفسه، والله المستعان.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
7 أسباب لنموَ صناعة الألعاب عالميًا بوتيرة سريعة HS Admin
0 42 HS Admin
8أسباب تدفعك لاختيار حاسب آلي بمعالج سناب دراغون HS Admin
0 43 HS Admin
فوائد التبرع بالدم: 10 أسباب ستحفزك على التبرع الدوري HS Admin
0 73 HS Admin
أسباب فقدان الذاكرة مؤقتاً وطرق علاجها HS Admin
0 72 HS Admin
أسباب عدم ذكر البسملة في سورة التوبة؟ HS Admin
0 77 HS Admin

الكلمات الدلالية
أسباب ، الصدر ،